محمد
عدد المساهمات : 26 نقاط : 66 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 18/03/2009
| موضوع: تفرغ لعبادتى املا صدرك غنى الأحد مارس 22, 2009 2:28 am | |
| عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( إن الله تعالى يقول : يا بن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وأسدُّ فقرك ، وإلا تفعل ملأت يديك شغلا ولم أسد فقرك ) . تخريج الحديث رواه الترمذي و ابن ماجة والإمام أحمد في مسنده وغيرهم ، وقال الترمذي حسن غريب ، وصححه الألباني . معاني المفردات تفرغ لعبادتي : تفرغ من مهماتك وأشغالك الدنيوية لطاعتي والتقرب إلي بأنواع القرب . أملأ صدرك : أي قلبك . عز العبودية عبادة الله هي المهمة العظيمة التي من أجلها خُلق الخلق ، وهي بمفهومها الشامل لا تقتصر على أداء الشعائر التعبدية - من صلاة وصيام وحج وذكر وغير ذلك - فحسب ، ولكنها تمتد لتنتظم حياة الإنسان كلها بشتى جوانبها وأنشطتها بحيث لا يخرج شيء منها عن دائرة التعبد لله رب العالمين ، وتمتد كذلك لتشمل جميع ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة :{قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين }(الأنعام 162) . ولا يبلغ الإنسان ذروة الكمال البشري في العزّة والشرف والحرية حتى يحقق هذه الغاية ، وقد وصل إلى هذا الكمال أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام ، وفي مقدمتهم نبيّنا محمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - ، الذي خاطبه ربُّه جل وعلا في أعلى مقاماته - مقامِ تلقي الوحي ومقامِ الإسراء - بوصف العبودية ، باعتبارها أرقى وأعظم وأشرف منزلة يرقى إليها الإنسان ، فقال سبحانه :{الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا }(الكهف 1) ، وقال في مقام آخر : {سبحان الذي أسرى بعبده ليلا }( الاسراء 1) ، وكلما ازداد العبد تحقيقاً لهذه العبودية كلما ازداد كماله وعلت درجته . وكل من تعلّق قلبه بمخلوق وأحبَّه ، وعلق عليه نفعه وضرَّه فقد وقع في ربقة الرقّ والعبودية له ، شاء أم أبى ، إذ الرقّ والعبودية في الحقيقة ، هو رقُّ القلب وعبوديته ، ولهذا يُقال: " العبد حرٌّ ما قنع والحرُّ عبدٌ ما طمع " ، وكلّما قوي طمع العبد في فضل الله ورحمته ورجائه في قضاء حاجاته ، كلما قويت عبوديته وحريته عمَّا سواه ، كما قيل : " احتج إلى من شئت تكن أسيره ، واستغن عمن شئت تكن نظيره ، وأحسن إلى من شئت تكن أميره " . حقيقة الغنى ولهذا فإن حقيقة الغنى إنما هي في القلب ، وهي القناعة التي يقذفها الله في قلوب من شاء من عباده ، فيرضون معها بما قسم الله ، ولا يتطلعون إلى مطامع الدنيا أو يلهثون وراءها لهث الحريص عليها المستكثر منها . وقد بين ذلك عليه الصلاة والسلام بقوله : ( ليس الغنى عن كثرة العرَض ، ولكن الغنى غنى النفس ) كما في البخاري ، وقال لأبي ذر : ( أترى أن كثرة المال هو الغنى ؟! إنما الغنى غنى القلب ، والفقر فقر القلب ، من كان الغنى في قلبه فلا يضره ما لقي من الدنيا ، ومن كان الفقر في قلبه فلا يغنيه ما أكثر له في الدنيا ، وإنما يضر نفسه شحها ) رواه ابن حبان وصححه الألباني . وكم من غني عنده ما يكفيه وأهله عشرات السنين ، ومع ذلك لا يزال حريصاً على الدنيا ، يخاطر بدينه وصحته ، ويضحي بوقته وجهده ، وكم من فقير يرى أنه أغنى الناس ، مع أنه قد لا يجد قوت غده ، فالقضية إذاً متعلقة بالقلوب وليست بما في الأيدي . يقول عمر رضي الله عنه : " إن الطمع فقر ، وإن اليأس غنى ، وإن الإنسان إذا أيس من الشيء استغنى عنه " ، وسئل أبو حازم فقيل له : ما مالُك ؟ قال : لي مالان لا أخشى معهما الفقر : الثقة بالله ، واليأس مما في أيدي الناس " ، وقيل لبعض الحكماء : ما الغنى ؟ قال : " قلة تمَنِّيك ، ورضاك بما يكفيك " ، وقد أحسن من قال :
ومن ينفق الساعات في جمع ماله مخافة فقر فالذي فعل الفقر | |
|